تنبيهاتٌ مُهِمّة متعلقة بحديث غدير خُمّ

  • أ.د. عاصم القريوتي
  • 6718
نشر عبر الشبكات الإجتماعية

روى مسلم في صحيحه (2408) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:

 «أمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً، بين مكة والمدينة ،فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر،ثم قال:

 «أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر ، يوشك أن يأتى رسول ربى ، فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به» ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ،ثم قال:

 «وأهل بيتى أذكركم الله في أهل بيتى ، أذكركم الله فى أهل بيتى ، أذكركم الله فى أهل بيتى».

التنبيه الأول:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية «في اقتضاء الصراط المستقيم» (ص 293):

«زاد بعض أهل الأهواء في ذلك ، حتى زعموا أنه عهد إلى علي رضي الله عنه بالخلافة بالنص الجلي ، بعد أن فرش له ، وأقعده على فراش عالية ، وذكروا كلامًا وعملًا قد علم بالاضطرار أنه لم يكن من ذلك شيء ، وزعموا أن الصحابة تمالأوا على كتمان هذا النص ، وغصبوا الوصي حقه ، وفسقوا وكفروا ، إلا نفرًا قليلًا والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ، ثم ما كان القوم عليه من الأمانة والديانة ، وما أوجبته شريعتهم، من بيان الحق يوجب العلم اليقيني ، بأن مثل هذا ممتنع كتمانه، ولذا قال ابن جرير الطبري رادًا على معتقد الشيعة هذا في غدير خم  وأن دعواهم زور وبهتان على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى علي رضي الله عنه.

التنبيه الثاني:

روى البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه أنه قال: سألت علياَ رضي الله عنه: قلت لعلي ، رضي الله عنه ، هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟

 قال : «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ،ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلا في القرآن ، وما في هذه الصحيفة».

 قلت :«وما في الصحيفة؟

قال: «العقل،وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر».

 ولقد سأل قيس بن عباد و الأشتر النخغي علياَ رضي الله عنه أيضاَ عن هذا كما في سنن النسائي (8/19-20) وأبي داود (4530) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري:

«وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك لأن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت لا سيما علياً أشياء من الوحي، خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بها ،لم يطلع غيرهم عليها».

وروى أحمد من طريق طارق بن شهاب – بإسناد حسن كما قال ابن حجر – قال :

«رأيت عليا رضي الله عنه على المنبر يخطب ،وعليه سيف حليته حديد ، فسمعته يقول: «والله ما عندنا كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة…»».

التنبيه الثالث:

المراد من الحديث في قوله – صلى الله عليه وآله وسلم -: ” عترتي ” أكثر مما يريده الشيعة، والعترة فيهم هم أهل بيته – صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد جاء ذلك موضحاً كما في حديث: ” عترتي أهل بيتي “.

وأهل بيته في الأصل هم ” نساؤه – صلى الله عليه وآله وسلم – وفيهن الصديقة عائشة رضي الله عنهن جميعاً كما هو صريح قوله تعالى في (الأحزاب): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.

وقال التوربشتي – كما في ” المرقاة ” (5 / 600) : ” عترة الرجل: أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم ” العترة ” على أنحاء كثيرة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ” أهل بيتي ” ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين.

والمقصود من «أهل البيت» إنَّما هم العلماء الصالحون منهم،والمتمسكون بالكتاب والسنة.

انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/ 360) وموسوعة الألباني في العقيدة (8/ 357).

التنبيه الرابع:

سمى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن وأهل البيت ثقلين ، لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ، ويقال لكل خطير نفيس «ثقل» فسماهما «ثقلين» إعظامًا لقدرهما، وتفخيمًا لشأنهما«

قاله ابن الأثير. « النهاية في غريب الأثر » (1 / 626).

وقال العلامة الألباني:

 «والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنة الخلفاء الراشدين مع سنته صلى الله عليه وسلم في قوله: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين….».

ثُمَّ نقل عن الشيخ علي القاري قوله: «فإنهم لم يعملوا إلا بسنته فالإضافة إليهم إما لعملهم بها، أو لاستنباطهم واختيارهم إياها».

 راجع: السلسلة الصحيحة (4/360-361).

 

إغلاق

تواصل معنا

إغلاق