عيد الحُبّ أصله التاريخي وحكمه الشرعي

  • أ.د. عاصم القريوتي
  • 6947
نشر عبر الشبكات الإجتماعية

عيد الحُبّ أصله التاريخي وحكمه الشرعي

الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين ، وعلى صحابته أجمعين أما بعد:

فإن ما يسمى بـعيد الحب ( الفالنتاين) Valentine الذي انتشر خصوصاً في الآونة الأخيرة بين الشباب المسلم من كلا الجنسين في الرابع عشر من شهر شباط( فبراير)، فتجدهم يهنئ بعضهم بعضاً ،ويتبادلون الهدايا والورود الحمراء ، وحتى أصحاب المحلات والمكتبات وغيرهم يتجهزون له كما يتجهزون لأي موسم.

       وهذا العيد من أعياد الرومان الوثنيين ، وهو عندهم تعبير عن المفهوم الوثني للحب الإلهي ، وهو مبني على أساطير حتى عند الرومان أنفسهم ، ولهم فيه شعائر خاصة.

       وقد حمل عدد من المسيحيين اسم فالنتين، إذ جاء في من ويكيبيديا الموسوعة الحرة عند الكلام عن عيد الحب ما يلي:

“أما القديسان اللذان يتم تكريمهما في الرابع عشر من شهر فبراير فهما: القديس فالنتين الذي كان يعيش في روما (Valentinus presb. m. Romae)، وكذلك القديس فالنتين الذي كان يعيش في مدينة تورني Valentinus ep. Interamnensis m. ‘‘Romae وكان القديس فالنتين الذي كان يعيش في روما Valentine of Rome. قسيسًا في تلك المدينة، وقد قتل حوالي عام 269 بعد الميلاد وتم دفنه بالقرب من طريق “فيا فلامينا”. وتم دفن رفاته في كنيسة سانت براكسيد في روما. Saint Valentine’s Day: Legend of the Saint. وكذلك في كنيسة الكرمليت الموجودة في شارع وايتفراير في دبلن في أيرلندا. أما القديس فالنتين الذي كان يعيش في تورني Valentine of Terni. فقد أصبح أسقفًا لمدينة انترامنا (الاسم الحديث لمدينة تورني) تقريبًا في عام 197 بعد الميلاد”انتهى.
وفالنتاين هو أحد ضحايا تعذيب بعض الأباطرة ، فلما مات بنوا له كنيسة تخليداً له ، فلما اعتنق الرومان النصرانية أبقوا على احتفالهم بعيدهم السابق ، ولكنهم غيروا مفهومه الوثني من (الحب الإلهي) إلى مفهوم آخر يعبر عنه بـ (شهداء الحب) ممثلاً بالقسيس فالنتاين الداعية إلى الحب والسلام بزعمهم . وسمي أيضاً بـ (عيد العشاق)

وبعد هذه المقدمة التاريخية لهذا العيد الوثني المزعوم هذه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

(الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / عبد الله آل ربيعة ، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5324) وتاريخ 3/11/هـ، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:

 (يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير 14/2 من كل سنة ميلادية بيوم الحب (( فالنتين داي )) .. ويتهادون الورود الحمراء ويلبسون اللون الأحمر ويهنئون بعضهم وتقوم بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم:

أولاً: الاحتفال بهذا اليوم ؟

ثانياً: الشراء من المحلات في هذا اليوم ؟

ثالثاً: بيع أصحاب المحلات ( غير المحتفلة ) لمن يحتفل ببعض ما يهدى في هذا اليوم؟ وجزاكم الله خيراً ).

       وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة – وعلى ذلك أجمع سلف الأمة – أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه.

       وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”من تشبه بقوم فهو منهم”و عيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته.

       كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول:

{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}

       ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد ، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً ، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم).

       وهذه فتوى لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله إذ سئل عما انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب – خاصة بين الطالبات – وهو عيد من أعياد النصارى ، ويكون الزي كاملا باللون الأحمر الملبس والحذاء ويتبادلن الزهور الحمراء ..

       نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد ، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم ؟

فأجاب رحمه الله:

(الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه :

الأول : إنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.

الثاني : أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح _ رضي الله عنهم _ فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق .

أسأل الله أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه . والله أعلم.)

ختاما:

أسأل الله عزوجل أن يجعلنا مما قال الله تعالى فيهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ”.رواه أحمد والطبرني والحاكم.

وأن يصلحنا ويصلح شباب المسلمين وشاباتهم، وأن يردنا إلى دينه ردا جميلا، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إغلاق

تواصل معنا

إغلاق