قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(فَأَما التَّمْثِيل فِي الْقَتْل فَلَا يجوز إِلَّا على وَجه الْقصاص، وَقد قَالَ عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا:
مَا خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة إِلَّا أمرنَا بِالصَّدَقَةِ ونهانها عَن الْمثلَة حَتَّى الْكفَّار إِذا قتلناهم فَإنَّا لَا نمثل بهم بعد الْقَتْل وَلَا نجدع آذانهم وأنوفهم وَلَا نبقر بطونهم إِلَّا أَن يَكُونُوا فعلوا ذَلِك بِنَا فنفعل بهم مَا فعلوا.
وَالتّرْك أفضل كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خير للصابرين واصبر وَمَا صبرك إِلَّا بِاللَّه}.
قيل إِنَّهَا نزلت لما مثل الْمُشْركُونَ بِحَمْزَة وَغَيره من شُهَدَاء أحد رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: “لَئِن أَظْفرنِي الله بهم لَأُمَثِّلَن بضعفي مَا مثلُوا بِنَا” فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة وَإِن كَانَت قد نزلت قبل ذَلِك بِمَكَّة مثل قَوْله {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي}.
وَقَوله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} وَغير ذَلِك من الْآيَات الَّتِي نزلت بِمَكَّة ثمَّ جرى بِالْمَدِينَةِ سَبَب يَقْتَضِي الْخطاب فأنزلت مرّة ثَانِيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :“بل نصبر”.
وَفِي صَحِيح مُسلم عَن بُرَيْدَة بن الخصيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث أَمِيرا على سَرِيَّة أَو جَيش أَو فِي حَاجَة نَفسه أوصاهم بتقوى الله تَعَالَى وبمن مَعَه من الْمُسلمين خيرا ثمَّ يَقُول:
“اغزوا بِسم الله وَفِي سَبِيل الله قَاتلُوا من كفر بِاللَّه لَا تغلوا وَلَا تغدروا وَلَا تمثلوا وَلَا تقتلُوا وليدا”.
من كتاب : السياسة الشرعية ” لابن تيميبة.