وضعت حاشية على كتاب (كشف الشبهات) لشيخ الإسلام (محمد بن عبد الوهاب) وطبعتها ونشرتها .
ولكني استعملت في ذكر اسمه ما يسمى في مصطلح الحديث ب(تدليس الشيوخ)؛ وهو جائز، بل مستحسن إذا أريد به الإصلاح ..
وذلك أن الشيخ يكون له اسمان؛ اشتهر بأحدهما، ولم يشتهر بالآخر، فيذكره الراوي عنه بالاسم الذي لم يشتهر به لمصلحة في ذلك .
أما إذا فعل ذلك ليوهم الناس علو سنده، وترفعه عن الرواية عنه ليوهم الناس أنه لا يتنزل للرواية عن مثله لصغر سنه أو عدم شهرته وغير ذلك من حظوظ النفس الأمارة فهو مذموم .
وقد سميت الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ (محمد بن سليمان الدرعي)؛ فنسبته إلى جده، ثم نسبته إلى الدرعية، وذلك حق؛ فهي بلدته و لكن لم يشتهر بذلك .
وزاد الأمر غموضا أن في (المغرب) كورة تسمى (درعة) والنسبة إليها درعي !!
فنجحت فيما قصدته من ترويج الكتاب ،
فقد طبعت (ألف نسخة) فبيعت في وقت قصير!!
ولم يتفطن أحد لذلك!!
حتى الشيخ أحمد بن الصديق الغماري مع سعة اطلاعه، وعلو همته في البحث، وكثرة ما في خزائنه من الكتب؛ بقي في حيرة؛ لأنه بحث في تاريخ المنسوبين إلى (درعة)
فلم يجد أحدا منهم بذلك، ولا أثر عنه هذا الكتاب!!!
فبعث إلي يسألني عن هذا المؤلف !!
من هو ؟!!
فأخبرته بالحقيقة .
ولما اطلع العالم الأجل مفتي المملكة العربية السعودية
وشيخ شيوخها محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمة الله عليه – على هذا العمل؛ استحسنه كل الاستحسان.
وإنما فعلت ذلك؛ لأن المتأخرين من رجال الدولة العثمانية حرضوا شرار العلماء في جميع البلاد الإسلامية على تشويه سمعة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) ، وكذبوا عليه، وأوهموا أتباعهم أنه جاء بدين جديد، وأنه يتنقص جانب النبي الكريم، ويكفر المسلمين ؟!!
إلى غير ذلك من الأكاذيب .
وقد تبين لأكثر الناس بطلان تلك الدعوى، وعلموا علم اليقين أن (محمد بن عبد الوهاب) من كبار المصلحين الذين فتح الله بدعوتهم عيونًا عميًا
وآذانا صمًا، وأنه أحيا العمل بكتاب الله وسنة رسوله في جزيرة العرب بعدما كاد يندثر .
وإلى الآن لا يزال بعض الغربان ينعقون بسبه كالغراب الذي تقدم ذكره، وذلك لا يضره:
– إن كانوا مسلمين فإن سبهم له يجعل حسناتهم في صحيفته .
– وإن كانوا مشركين فإن الله يزيدهم عَذَابًا .
ولما طبع هذا الكتاب غضب عباد القبور، وأصحاب الطرائق؛ وخطب كثير من أئمة المساجد خطبة الجمعة، ونبهوا المستمعين إلى ما في هذا الكتاب من الضلال بزعمهم!!
لأن توحيد الله عندهم أعظم الضلال !!
و لكن لم يستمع لهم أحد .
(أما العلماء المحققون): كالأستاذ محمد الطنجي، والأستاذ المجاهد عبد السلام المرابط، والأستاذ العبقري، عبد الله كنون، فإنهم رحبوا بطبع هذا الكتاب، وأثنو عليه، وعلى مؤلفه، وناشره .
ولا يضر السحاب نبح الكلاب.
ما ضر بدر السما في الأفق تنبحه … سود الكلاب و قد مشى على مهل
ثم طبعتُ رسالة (زيارة القبور) مع حواشي قليلة لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، وسميته: (أحمد بن عبد الحليم الحراني) ، ولم أذكر لفظ (بن تيمية)؛ للعلة السابقة الذكر.
فراج الكتاب، وانتشر، ونفع الله به المسلمين.
ولما بعثت من كل من الكتابين نسخة إلى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمة الله عليه- فرح بنشرهما، واستحسن الطريقة التي سلكتها؛ لبعد نظره، ووفور عقله، وحكمته .
[الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة: 65]