هل كلمة المطر خاصة بالعذاب والأذى؟
انتشر في الآونة الأخيرة أن ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻄﺮ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ إﻻ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻷﺫﻯ، ﻭﻧﺤﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻧﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻋـﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻄﺮ.
واستدل من قال بذلك بـأن اﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺫﻛﺮ ﺍلمطر كقوله تعالى:
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ } [الأعراف: 84]،
وفوله سبحاته: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [الشعراء: 173]
وقوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل: 58 ]
وأما ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﺴﻘﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻷﻧﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﻠﺖ، ﻟﻪ ﺃﻟﻔﺎﻅ
ﻏﻴﺮ ﻟﻔﻈﺔ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻭ ﺍﻟﻐﻴﺚ.
هكذا يقول القائل، ولكن هذا ليس بصحيح أن المطر خاص بالعذاب لما يلي:
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:
“مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ الله لاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ الله وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ الله وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللهُ ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ الله”.
وعن عائشة زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- تقول :كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك فى وجهه أقبل وأدبر فإذا مطرت سر به وذهب عنه ذلك. قالت عائشة فسألته فقال « إنى خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتى ». ويقول إذا رأى المطر « رحمة ».
وصح أيضا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُم”؟ْ قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: “أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ”.
وعن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ هَلَكَ الْعِيَالُ هَلَكَ النَّاسُ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ يَدْعُو وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ قَالَ فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى مُطِرْنَا فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَّى كَانَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ بَشِقَ الْمُسَافِرُ وَمُنِعَ الطَّرِيقُ.
وفي لغة العرب كذلك يطلق المطر على الماء النازل من السماء أيا كان، وبهذا يتبين صحة إطلاق المطر على الرحمة والعذاب جميعا، والله أسأل أن يتغمدنا جميعا برحمته، وأن ينصر دينه وعباده في كل مكان.