وجوب الذبِّ عن السنة النبوية ونبي الرحمة وعاقبة المستهزئين بها
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين المبعوث رحمة للعالمين وبعد:
فإن الله ناصر دينه لا محالة وقد قال سبحانه وتعالى:
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
كما أن كل استهزاء بالله ودينه وبنبي الله -صلى الله عليه وسلم- فالله كافيه ومجاز أصحابه
فقد قال الله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}.
وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا. وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.
وأي أذى للمسلمين أكبر من سبِّ الله ورسوله والاستهزاء بدينه الحنيف وبنبيّ الرحمة صلى الله عليه وسلم؟
وقال ابن تيمية رحمه الله في كتابه: “الصارم المسلول على شاتم الرسول”:
“وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد.
ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذ تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقيعة في عرضه فعجلنا فتحة وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوما أو يومين أو نحو ذلك ثم يفتح المكان عنوة ويكون فيهم ملحمة عظيمة قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظا عليهم بما قالوا فيه.
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده وتارة بأيدي عباده المؤمنين.
وكذلك لما تمكن النبي صلى الله عليه وسلم من ابن أبي سرح أهدر دمه لما طعن في النبوة وافترى عليه الكذب مع أنه قد آمن جميع أهل مكة الذين قاتلوه وحاربوه أشد المحاربة ومع أن السنة في المرتد أنه لا يقتل حتى يستتاب إما وجوبا أو استحبابا.
وسنذكر إن شاء الله أن جماعة ارتدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعوا إلى التوبة وعرضت عليهم حتى تابوا وقبلت توبتهم.
وفي ذلك دليل على أن جرم الطاعن على الرسول صلى الله عليه وسلم الساب له أعظم من جرم المرتد .
ثم إن إباحة النبي صلى الله عليه وسلم دمه بعد مجيئه تائبا مسلما وقوله: “هلا قتلتموه” ثم عفوه عنه بعد ذلك دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتله وأن يعفو عنه ويعصم دمه وهو دليل على أن له صلى الله عليه وسلم أن يقتل من سبه وإن تاب وعاد إلى الإسلام”.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: “ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة”.
وروى البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رجل نصرانيا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا: أنه ليس من الناس، فألقوه “.
وروى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: «كل بيمينك»، قال: لا أستطيع، قال: «لا استطعت»، ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه.
والنصيحة لرسول الله صلى الله عيه وسلم واجبة:
روى الإمام مسلمٌ في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الدينُ النصيحةُ ، قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابهِ ولرسولِهِ ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم“.
والنصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم تكون بالإيمان بنبوَّته ورسالته صلى الله عيه وسلم ونصرته حياً وميتاً ، فمن كان في حياته كان واجباً عليه أن ينصرَه ، ومن لم يدرِكْهُ وجب عليه أن ينصرَه .
ومن أعظمِ مظاهرِ محبَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم والنصح له:
1ـ تجريدُ التوحيدِ لله سبحانه وتعالى ، وذلك لأن النبي صلى الله عيه وسلم أرسلَهُ اللهُ عز وجل بهذا الأمرِ العظيمِ ؛ لعبادةِ اللهِ وحدَهُ ، فَصِدْقُ المتابعةِ تستلْزِمُ تحقيقَ التوحيدِ وتجريده لله سبحانه وتعالى .
2 ـ تقديمَ محبَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم لذاته محبَّته على الولد والوالدِ والأهلِ والناسِ أجمعينَ ، والنفسِ كما جاءَ في حديثَ عمرَ السَّابقِ .
3ـ تجريدَ المتابعةِ للنبي صلى الله عليه وسلم بتقديمِ أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم على أوامرِ غيرِه .
4ـ تولّي المرءُ الصحابةَ للنبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه .
5ـ تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبرَ به ، فهو الصادق المصدوقُ صلى الله عليه وسلم.
6- الإيمانَ بأنَّ كلَّ ما جاءَ به المصطفى عليه الصلاةُ والسلامُ إنما هو وحيٌ من الله سبحانه وتعالى .
7ـ سلوكَ الأدبِ في الصلاة والسلامِ عليه بالصِّيَغِ الواردةِ عنه وليس بالصيغ المحدثة المبتدعةِ .
8 ـ التحاكمُ إلى سُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم ، ويقولُ ربُّنا تبارك وتعالى : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (النساء:65) ، ويقول سبحانه : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: من الآية59) .
9ـ الرِّضا بهذا التحاكمِ والاطمئنانِ التامِّ .
10ـ الذَّبُّ عن صحابةِ النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ينال منهم ، والذب عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن .
11ـ نشرِ السنة النبوية والدعوةِ إليها والتحذيرِ من كلِّ ابتداعٍ وإحداثٍ في دينِ الله عز وجل .
12ـ الذَّبُّ عن السنة والتَّصَدِّي للمغرِضينَ والمنافقينَ والمنهزِمِينَ والمستشرِقينَ والمستغربينَ الذي ترصَّدوا للسنة النبوية الشريفةِ .
13-بيان زيف دعوى الساخرين بالسنة النبوية ونبي الإسلام – صلى الله عليه وسلم – والمستهزئين بسنته.
وصلِّ اللهم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
وينظر مقالتي:
” الاستهزاء بالنبي محمدٍ ودينه من أعظم موارد الإرهاب”
http://www.sunnah.org.sa/ar/sunnah-sciences/variety-scientific-articles/101-2010-07-22-07-22-40/81-2010-07-25-21-57-24
ومقالتي:
وقفات حول الهجوم على مقر مجلة “شارلي ابدو” الفرنسية