ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
تنبيهات ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ: ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺁﻝ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺣﻠﻖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻗﻠﻢ ﺍﻷﻇﺎﻓﺮ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻀﺤِّﻲ
لفضيلة الشيخ عبدالباري بن حمّاد الأنصاري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد.
فلا ﻳَﺨﻔﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﺳﺘﻤﺪﺍﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺑﺎﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ: ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﻨﺎﺳﺦ، ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻭﺍﻹﻃﻼﻕ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ.
ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺍﻋﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺃﻭ ﺣﺴﻨﺎ.
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﻫﻲ: ﺣﻜﻢ ﺣﻠﻖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻗﻠﻢ ﺍﻷﻇﺎﻓﺮ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻀﺤِّﻲ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ:
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺴﻠﻢ في “صحيحه” ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: «ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻌﺸﺮ، ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺃﻥ ﻳﻀﺤﻲ، ﻓﻼ ﻳﻤﺲ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻭﺑﺸﺮﻩ ﺷﻴﺌﺎ».
ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ: «ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺫﺑﺢ ﻳﺬﺑﺤﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻫﻞ ﻫﻼﻝ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ، ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬﻥ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺃﻇﻔﺎﺭﻩ ﺷﻴﺌﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﺤﻲ».
ﻭﻗﺪ ﻧُﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺁﻝ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ – ﻓﺘﻮﻯ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﻟﻴﻪ، ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺗﻒ ﺍﻟﺬﻛﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻣﺸﻜﻠﺔ، ﺃﺭﺩﺕ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺎ:
ﺃﻭﻟﻬﺎ: ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: “ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥَّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺭﺩ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ”.
ﻭﻗﺪ ﻳُﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺃﻥَّ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻧﻜﺎﺭﺗﻪ!
ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ: ﻓﺈﻥ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺑﻨﻘﻞ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻨﻜﺮ ﻭﻻ ﻣﺴﺘﺒﻌﺪ، ﻭﻻ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻴﻬﺎ، ﺇﺫ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺟﻬﻞ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻬﺎ.
ﺛﻢ ﺇﻥ ﺃﻡ ﺴﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﺮﺩ ﺑﺮﻭﺍﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻣﻨﺴﻮﺑﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﻌﻴﻴﻦ، ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺧﺎﺹ.
ﻓﺄﺧﺮﺝ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺭﺍﻫﻮﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪﻩ (1817)، ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺭﻙ (7521) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﻌﺒﺔ، ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﻗﺎﻝ: ﻗﻴﻞ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ: ﺇﻥ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳَﻌْﻤﺮ ﻳُﻔﺘﻲ ﺑﺨﺮﺍﺳﺎﻥ: ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ، ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﻀﺤﻲ ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻭﻻ ﻇُﻔﺮﻩ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ: ﺻﺪﻕ ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺻﺤﻴﺢ.
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﺪﺩ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺑﺰﻭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻤﺴﺎﻧﻴﺪ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ (10 / 445) ﻭﺍﻟﻄﺤﺎﻭﻱ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﻣﺸﻜﻞ ﺍﻵﺛﺎﺭ (14 / 142)، (14 / 143) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ.
ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﻴﺜﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ (ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ 2 / 124) ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻮﻟﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺳﻤﺮﺓ، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ؛ ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رضي الله عنه ﻗﺎﻝ: ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻭﺍﺷﺘﺮﻯ ﺃﺿﺤﻴﺘﻪ ﺃﻣﺴﻚ ﻋﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻭﺃﻇﻔﺎﺭﻩ.
ﻗﺎﻝ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﻓﺄﺧﺒﺮﺕ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ.
ﻭﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﺒﺼﺮﻯ ، ﻣﻮﻟﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺳﻤﺮﺓ ﺍﻟﻘﺮﺷﻰ، ﻣﺠﻬﻮﻝ ﺍﻟﺤﺎﻝ.
ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺭﺍﻫﻮﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪﻩ (1818) ﻓﻠﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻠﻰ (6 / 28): ﻗﺎﻝ ﻣﺴﺪﺩ: ﻭﺣﺪﺛﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ ﻳﻜﺮﻩ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ، ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺤﻠﻖ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ. ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﺃﺑﻲ ﺛﻮﺭ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻭﺃﺑﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﻭﺯﺍﻋﻲ، ﻭﺧﺎﻟﻒ ﺫﻟﻚ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ، ﻭﻣﺎﻟﻚ. ﺍﻧﺘﻬﻰ.
ﻓﻴﺆﺧﺬ ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻣﺬﻛﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ – أﺻﺢ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻴﻬﺎ وأهمها.
ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ: ﻗﻮﻟﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: “ﺃﻧﻜﺮﺕ ﻋﺎﺋﺸﺔ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ـ ﻋﻠﻰ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺒﻴﻨﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻣﻦ ﺃﺣﺮﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺤﺞ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻜﻮﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﻬﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﺞ ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻮﻉ ﻫﻼﻝ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻭﻟﻘﺪ ﻓﺘﻠﺖ ﻗﻼﺋﺪ ﻫﺪﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺎﺣﺎً ﺃﻱ ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻭﻻ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻭﺃﻇﻔﺎﺭﻩ.
الجواب عن ذلك: أنه ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻪ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧُﻘﻞ ﻋﻦ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ.
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺻﺢَّ ﺃﻥ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺭُﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ في أن من بعث هديه يحرم عليه ما يحرم على الحاج حتى يذبح هديه.
ﻓﻘﺪ ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻹﻣﺎﻣﺎﻥ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ )1700(، ﻣﺴﻠﻢ )1321(:
ﻋﻦ ﻋَﻤﺮﺓ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺧﺒﺮﺗﻪ ﺃﻥ ﺯﻳﺎﺩ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ: ﺇﻥ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﺃﻫﺪﻯ ﻫﺪﻳﺎ ﺣَﺮُﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳَﺤﺮُﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺤﺮ ﻫﺪﻳﻪ،.
ﻗﺎﻟﺖ ﻋﻤﺮﺓ: ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ: ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، «ﺃﻧﺎ ﻓﺘﻠﺖ ﻗﻼﺋﺪ ﻫﺪﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﺪﻱ، ﺛﻢ ﻗﻠﺪﻫﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﺪﻳﻪ، ﺛﻢ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﻣﻊ ﺃﺑﻲ، ﻓﻠﻢ ﻳَﺤﺮُﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷﻲﺀ ﺃﺣﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻧﺤﺮ ﺍﻟﻬﺪﻱ.
ﻧﻌﻢ ، ﺍﺳﺘﺸﻜﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ:
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻷﺛﺮﻡ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮﺕُ ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺚ ﺑﺎﻟﻬﺪﻱ، ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ – ﻓﺒﻘﻲ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺑﺠﻮﺍﺏ. ﻗﺎﻝ: ﻓﺬﻛﺮﺗﻪ ﻟﻴﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ: ﺫﺍﻙ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ، ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺚ ﺑﺎﻟﻬﺪﻱ ﻭﺃﻗﺎﻡ، ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﻀﺤﻲ ﺑﺎﻟﻤِﺼْﺮ، ﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ: ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﻗﻮﻝ. ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ 17 / 234 ﻭﺍﻧﻈﺮ: ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺻﺎﻟﺢ 2/ 262
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ: ﺃﺟﺎﺏ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ: ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﻴﻦ ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳُﻀﺤﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮﻩ، ﻭﺑﺤﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﻴﻤﻦ ﺃﺭﺳﻞ ﺑﻬﺪﻳﻪ ﻣﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ. ﺍﻧﻈﺮ ﻟﻄﺎئﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ص272
ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ: ﻗﻮﻟﻪ: “ﻭﻗﻮﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ـ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻖ ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ، ﺇﺫ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﻬﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻗﻠﻢ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﻭُﻳﺒﻴﺢ ﻣﻼﻣﺴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻟﻮﺟﺐ ﺍﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺣﺪ.
▪ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ: ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻛل واحد ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﻴﻦ ﺗﻀﻤﻦ حكما ﺧﺎﺻﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻗﺮﻳﺒﺎ – ﻓﻼ ﺇﺷﻜﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﺣﻜﻤﺎﻥ ﺗﻌﺒﺪﻳﺎﻥ.
ﺭﺍﺑﻌﻬﺎ: ﻗﻮل الشيخ رحمه الله: “ﻭﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻥَّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺪ ﺍﻧﻘﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺤﺮﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﺞ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ، ﻓﺴﻤﻌﺖْ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺣﻠﻖ ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻭﻗﻠﻢ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺤﺮ ﺃﺿﺤﻴﺘﻪ، ﻟﻜﻮﻥ ﺩﻡ ﺍﻟﻨﺴﻚ ﻳﺴﻤﻰ ” ﺃﺿﺤﻴﺔ “، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ـ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﺿﺤﻰ ﻋﻦ ﻧﺴﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺒﻘﺮ، ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﻨﺴﻚ، ﻓﺎﻧﻘﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻬﻤﺘﻪ ﻋﺎﺋﺸﺔ”.
ﺃﻗﻮﻝ: ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﺟﺪﺍ، ﻻ ﻳُﺪﺭﻯ ﻣﺴﺘﻨﺪﻩ ﻓﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﺩﻟﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻮﻯ ﻭﻗﻮﻉ ﻗﻠﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ؟ ﻭﻣﻦ ﺭﻭﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻭﺗﻪ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻘﻠﻮﺑﺎ؟!
ﺧﺎﻣﺴﻬﺎ: ﺳﻮَّﻯ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺭﺍﻓﻊ ﻭﻣﻴﻤﻮﻧﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ، ﻓﻲ ﺯﻭﺍﺝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻴﻤﻮﻧﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺮﻡ.
ﻓﺄﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﻓﻲ حديثها ﻫﺬﺍ، ﻛﻤﺎ ﺃﺧﻄﺄ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻓﻲ ﻇﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺰﻭﺝ ﻣﻴﻤﻮﻧﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺮﻡ.
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺘﻴﻦ ﻭﺃﺩﻟﺘِﻬﻤﺎ غير صواب، ﻓﺤﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﻭﻋﺎﺋﺸﺔ رضي الله عنهما = ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺘﻴﻦ مختلفتين، ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺃﺑﻲ ﺭﺍﻓﻊ رضي الله عنهما ﻓﻔﻲ قصة ﻭﺍﺣﺪﺓ.
ﺳﺎﺩﺳﻬﺎ: ﻗﻮﻟﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ.
ﻧﻌﻢ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻛﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ ﻭﺍﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ.
ﻭﺗﻔﺮﺩ ﻣﺬﻫﺐٍ ﺑﻘﻮﻝ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ كونه مرجوحا، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺗﻔﺮﺩ ﺑﻪ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
وأقول ذلك مع أني لا أرجح أن النهي الوارد في حديث أم سلمة – رضي الله عنها – يفيد التحريم، بل الذي أميل إليه أنه للكراهة، فالحديث يتعلق بأدب شرعي، ينبغي العمل بمقتضاه تعظيما للسنة، واتباعا لها.
ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﻴﺎﻧﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ، وﺍﻟﻠﻪ تعالى ﺃﻋﻠﻢ،
ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
كتبه: عبدالباري بن حماد الأنصاري
٢٨ /١١ / ١٤٣٧