شيخنا العلامة الألباني رحمه الله وهو ابن أربعين عاما

  • أ.د. عاصم القريوتي
  • 3208
نشر عبر الشبكات الإجتماعية

لقد زار دمشقَ قديماً الأستاذ الأديب الشيخ عبدالله بن خميس رحمه الله (توفي عام 1432هـ)، ووصف زيارته لدمشق وسفرته ، وكتب كتاباً ماتعاً بعنوان : (شهر في دمشق) طبع عام 1374هـ – 1955م، ذكر فيه انطباعاته عن شيخنا العلامة الألباني رحمه الله في ذلك الوقت، أنقلها بنصها لما فيها من الفوائد والعبر العديدة:
(( … وهكذا وجدت السلفية في دمشق بين صفوف الجامعة، وفي حلقات العلماء، يحملها شباب مثقف مستنير، يدرس الطب والحقوق والآداب …
قال لي شاب منهم: ألا تحضر درسنا اليوم؟
فقلت: يشرفني ذلك.
فذهبت مع الشاب لأجد فضيلة الشيخ ناصر الألباني محدث دمشق الكبير، وحوله من يزيد على الأربعين طالباً، من شباب دمشق المثقف، وإذ الدرس جار في باب حماية المصطفى -صلى الله عليه وسلم- جناب التوحيد وسده طرق الشرك .. من كتاب التوحيد وشرحه فتح المجيد للمجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب وحفيده رحمهما الله، فعجبت أشد العجب لهذه المصادفة الغريبة.
وأنصتُّ لأسمع درس الشيخ، وإذا بي أسمع التحقيق والتدقيق والإفاضة في علم التوحيد وقوة الضلع فيه.
وإذ بي أسمع مناقشة الطلبة الهادئة الرزينة واستشكالاتهم العميقة حتى انتهى درس التوحيد.
وبدأوا في درس الحديث بالروضة الندية، وهنا سمعت علماً جماً، وفقهاً وأصولاً وتحقيقاً. وهكذا حتى انتهى الدرس.
ولم أزل طيلة مقامي بدمشق، محافظاً على درس الشيخ، وقد انتهوا في علم التوحيد من كتاب (( فتح المجيد )) .
وبدأوا في كتاب ((اقتضاء الصراط المستقيم )) لشيخ الإسلام ابن تيمية,
وفي كل حين يزداد عددهم وتتجدد رغبتهم ويكتبون وينشرون. ومن تتبع (( مجلة التمدن الإسلامي )) وقف على ما لهذا الشيخ وتلامذته من نشاط وجهود.
ولقد لمست بنفسي لهم تأثيراً كبيراً على كثير من الأوساط ذات التأثير في الرأي العام، مما يبشر بمستقبل جد كبير لهذه الدعوة المباركة )).
ثم نقل الشيخ ابن خميس رحمه الله عن الشاب المذكور قوله :
(( لا أعرف على وجه التحديد الوقت الذي بدأ فيه الشيخ اجتماعاته، وكان أول اتصالي به عام 1945م، وكان يقرأ مع ما يقرب من ثلاثين أخاً كتاب زاد المعاد، وخرج من هذه الدراسة بكتابه القيم (( التعليقات الجياد على كتاب زاد المعاد )) وهو مخطوط، وقد طلب مني الشيخ حامد الفقي عام 1953م أن أطلبه من الشيخ وأنه على استعداد لطبعه بجميع الشروط التي يضعها الشيخ، ولا أعرف السبب الذي منع الشيخ من إرسال كتابه للشيخ حامد، ثم انقطعت عن الشيخ حتى عام 1949م، حيث قام الشيخ مع إخوانه بإحياء سنة صلاة العيد خارج المدينة )).
وقرأ مع بعض إخوانه في 1949م – 1950م نخبة الفكر. ثم بدأ مع إخوانه بقراءة كتاب (( الروضة الندية )) بدار الأستاذ عبد الرحمن الباني(قال عاصم : رحمه الله وغفر له، ولقد عمل أستاذاً جامعياً في عدة جامعات وعمل مستشاراً لوزير المعارف بالمملكة العربية السعودية ، وهو من كبار رجالات التربية الإسلامية ، ولقد سمعت شيخنا الألباني – رحمه الله – يثني عليه).
وقد اتسعت هذه الحلقة حتى أصبح الذين يحضرونها يتراوح عددهم بين 40- 60 وأكثرهم من أهل الرأي والعلم.
ويقرأ في جلسة ثانية كتاب (( فتح المجيد )) بناء على اقتراح الأستاذ عبدالحليم محمد أحمد، وهو مدرس مصري درس في الشام ثم في عَمَّان، وقد قدم له بقراءة رسالة (( تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد ))، ويحضر هذه الجلسة عدد مماثل لعدد الجلسة الأولى.
وهناك جلسة شبه خاصة يدرس فيها كتاب (( الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث))، وكتاب (( طبقات فحول الشعراء )).
وبعد أن انتهى الإخوان من قراءة كتاب (( أصول الفقه )) لخلاف، وكانت تنعقد هذه الجلسة بدار الأستاذ علي الطنطاوي، وبعد سفره إلى باكستان عقدت بدار الدكتور أحمد حمدي الخياط.
وهناك درس مع بعض علماء الشام في التفسير وما زال هذا الدرس مستمراً حتى اليوم، ويحضره عدد يتراوح بين 10- 20، وقد مضى علىاستمراره عدة سنوات. ودرس في كتاب (( الترغيب والترهيب )) ويتراوح عدد حضوره بين 15- 25 .
ومن بين الإخوان الذين يحضرون جميع أو بعض الدروس: الأستاذ أحمد راتب النفاخ المدرس في الجامعة السورية،
الأستاذ عبدالرحمن الباني مفتش دروس الدين في وزارة المعارف،
عبدالرحمن نحلاوي مدرس الفلسفة في ثانويات دمشق،
رشاد رفيق سالم يحضر دكتوراه في الجامعة المصرية عن ابن تيمية وعضو لجنة الشباب المسلم المصرية ،
الأستاذ عصام عطار المدرس في المعهد العربي وعضو الهيئة التشريعية للإخوان المسلمين في سوريا ،
محمد مريدن (محامي) وموظف في ديوان المحاسبات ،
خالد صائمة (محامي) ،
الدكتور نبيه غبرة (طبيب) ،
الأستاذ محمد الصباغ مدرس الأدب العربي في ثانوية درعا.
وهكذا فإن هذه الدروس تجمع أمثال من ذكرنا من أهل العلم والفضل والأدب، وممن يرجى منهم في المستقبل القريب إن شاء الله أن ينشروا السلفية في كافة ربوع سوريا وغيرها إذا عرفنا أن منهم السوري والأردني والمصري والمغربي.
انظر (( شهر في دمشق )) للأديب الأستاذ الشيخ عبدالله بن خميس رحمه الله ص74 فما بعدها.

إغلاق

تواصل معنا

إغلاق